قال نبينا صل الله علية وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) بشهر رمضان خصوصاً وفي الأشهر المتبقية يتطلب منا وجوباً تفقد أحوالنا واحوال الآخرين!.

الكثير من الأدلة من الكتاب والسنة تدعونا على العناية والاهتمام بإخواننا المسلمين أفرادًا وجماعات في كل بقاع الأرض، وتفقد أحوالهم، ومعرفة واقعهم، وتحسس آلامهم، ورصد احتياجاتهم، ومعرفة مطالبهم، ثم العمل على مساعدتهم، كل بحسب استطاعته، مع العناية بتقديم الأهم على المهم.

إن الحالة العامة لأوضاع الناس في واقعنا الحالي يغلب فيها الانشغال كل بنفسه في ظل ضغوطات الحياة وغياب أو ضعف روابط الأخوة الإيمانية ، حيث الأنانية وحب الذات أصبح سمة ، وشعار الناس : نفسي نفسي ، ماني شمساً شارقه ، ماني وكيل الله على خلقه ، وش علي منهم ، همي نفسي ، وأصبحت سمة بارزة إلا من رحم الله ، مما يتطلب علينا السعي لعلاج هذا الداء .

حدث بزمن الرسول صل الله علية وسلم بأن أحد الصحابة جاء وليس معه راحلة، فجعل يصرف بصره يميناً وشمالاً يريد شيئاً، فما تفطن له الناس، فقال عليه الصلاة والسلام: (من كان معه فضل ظهر فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد فليعد به على من لا زاد له، قال الراوي: فذكر من أصناف المال ما ذكر، حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل شيء) حتى ظن الصحابة أنه لابد من توزيعها على المسلمين.

فانظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف فطن لهذا الرجل، فهو يصرف بصره لأنه محتاج إلى شيء ولا يتكلم لأنه محرج، ولا يريد أن يعرف الناس.

معرفة وجوه الناس: إذا كان فيه جوع أو مشكلة أو شيء يُعرف من وجهه، ولو كنت تتفرس في وجوه إخوانك المسلمين لعرفت من وجوههم ماذا يريدون.

وبالمبادرة والسعي والعمل والحث على تفقد أحوال من يقربنا نسباً أو جيرتاً أو مزاملتاً، سنصل لشيء من إحياء الروابط وبعث الهمم والشعور بالآخرين لتفقد أحوالهم.

إن خلق التفقد أدب كريم يدعو إليه الإسلام ، وتحمله النفوس الطيبة وهو ما يبعث على إيجاد مجتمع مترابط الأوصال تسود بين أفراده المحبة وطيب العشرة كي يصبح حال المسلمين كالجسد الواحد.

إن تفقد أحوال الناس يفتح بابا واسعا على الإنسان لجمع الحسنات ومحو السيئات، وعلى المرء أولا أن يتفقد نفسه بصفة دائمة لأنها في خطر دائم حيث المغريات والفتن قد تحول بينه وبين تفقد أحوال الآخرين، ومن أعظم أبواب التفقد العناية بالوالدين براً بهم وخدمةً لهم والقيام بشأنهم ، ومن ما يعتني بحقهم في التفقد: الزوجة والأبناء والأقارب والأرحام والجار وكل صاحب فضل من معلم مربٍ أو شيخ ناصح أو صاحب حادب (من أثقلته الحياة).

ولنا في نبينا صل الله عليه وسلم إسوة حسنه ، فقد كان  يعلم من نبرات الصوت ومن الألفاظ ومن تعابير الوجه ما هي حالة المتكلم، ففي الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام لـعائشة: (إني لأعلم إذا كنت عني راضية، وإذا كنت عليَّ غضبى مراعاة الزوج لحال زوجته أما إذا كنت عني راضية فإنك تقولين: لا ورب محمد تحلفين برب محمد وإذا كنت عليَّ غضبى قلت: لا ورب إبراهيم) هذا درساً لنعرف حال الآخرين ، قبل أن يريق ماء وجوههم بسبب حاجتهم.

خلاصة القول :إن التفقد سنة نبوية  تقوي علاقة  العبد بربه وعلاقة أفراد المجتمع فيما بينهم ، والتفقد يفتح للمسلم بابا واسعا لجمع الأجور والحسنات ، فحري بنا العناية بهم وملازمتهم كي نحقق مقاصد الأخوة في الله ، والترابط والتعاون على الخير.